في اعتراف مفاجئ أحدث ضجة في أوساط كرة القدم الأوروبية، اعترف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بوجود خطأ تحكيمي مؤثر خلال مباراة ربع نهائي كأس أمم أوروبا 2024 بين ألمانيا وإسبانيا، والتي جرت في يونيو الماضي. الخطأ تمثل في عدم احتساب ركلة جزاء لصالح المنتخب الألماني بعد لمسة يد على المدافع الإسباني مارك كوكوريا في وقت حساس للغاية من المباراة. هذا الخطأ كان له تأثير بالغ على سير المباراة، وقد كشفت وكالة فرانس برس عن هذا الاعتراف استنادًا إلى مصادر مقربة من يويفا، التي أكدت أن لجنة التحكيم التابعة للاتحاد الأوروبي اعتبرت أن القرار الذي اتخذ في تلك اللحظة لم يكن دقيقاً.
لمسة يد غير محتسبة تؤثر على سير المباراة
في تلك المباراة المثيرة التي جرت في مدينة هامبورغ، كانت المباراة تتجه نحو الوقت الإضافي بعد تعادل المنتخبين الألماني والإسباني 1-1 في الوقت الأصلي. في الدقيقة 110 من المباراة، وعلى إثر تسديدة من لاعب وسط المنتخب الألماني جمال موسيالا، سددت الكرة نحو المرمى الإسباني، لكن المدافع الإسباني مارك كوكوريا حاول إبعادها باستخدام يده. لكن الحكم الإنجليزي أنتوني تايلور اعتبر أن لمسة اليد كانت غير متعمدة وأن ذراع كوكوريا كانت ثابتة في وضع طبيعي، وبالتالي قرر عدم احتساب ركلة جزاء.
قرار الحكم تايلور فاجأ الكثيرين، خصوصاً بعد مشاهدة اللقطة عبر الإعادة التلفزيونية. ففي حالات مشابهة، عادة ما يكون الحكم في حاجة لمراجعة اللقطة باستخدام تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، إلا أن الحكم تايلور قرر عدم الرجوع لتقنية الـVAR، ورفض أيضاً أي تدخل من الحكم المسؤول عن تقنية الـVAR في المباراة، ستيوارت أتويل. القرار كان مثاراً للجدل منذ لحظة اتخاذه، إلا أن يويفا أكد الآن أن هذا القرار كان خاطئاً.
يويفا يعترف بالخطأ: هل كان يمكن أن تغير المباراة؟
بعد مشاورات مكثفة مع مجموعة من الحكام الأوروبيين، اعترفت لجنة التحكيم في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن لمسة اليد على كوكوريا كانت تستدعي في الواقع احتساب ركلة جزاء لصالح المنتخب الألماني. وفقاً لقرار اللجنة، كان يجب أن يتوقف اللعب بعد لمسة اليد، وأن يتم احتساب ركلة جزاء لصالح ألمانيا في تلك اللحظة التي كانت فيها النتيجة متعادلة 1-1. وبالتالي، كان من الممكن أن تكون تلك الركلة هي نقطة التحول في المباراة، التي انتهت في نهاية المطاف بفوز إسبانيا 2-1.
الخطأ التحكيمي جاء في وقت حساس للغاية، حيث كان المنتخب الألماني بحاجة ماسّة لتحقيق الانتصار لضمان مكانه في نصف النهائي. ولكن مع عدم احتساب ركلة الجزاء، واصل الفريق الإسباني الضغط على دفاعات ألمانيا. وبعد فترة وجيزة، نجح ميكل ميرينو، لاعب وسط إسبانيا، في تسجيل هدف ثاني في الدقيقة 116 من الوقت الإضافي، ليمنح فريقه التقدم 2-1 ويقوده إلى نصف النهائي.
إسبانيا تتوج باللقب رغم الجدل
بعد المباراة المثيرة ضد ألمانيا، واصل المنتخب الإسباني تقدمه في البطولة، ليحقق الفوز في نصف النهائي على إنجلترا، ثم يحقق اللقب في النهائي بعد فوزه على المنتخب الفرنسي. ورغم أن إسبانيا كانت تستحق النجاح في البطولة، فإن الجدال حول تلك المباراة مع ألمانيا استمر طويلاً، حيث اعتبر العديد من المتابعين أن المباراة قد تكون انتهت بشكل مختلف لو تم اتخاذ القرار التحكيمي الصحيح.
في ألمانيا، كان الشعور بالظلم واضحاً بعد المباراة، حيث طالب العديد من الخبراء والمشجعين بضرورة إعادة النظر في الحكم الذي اتخذته تقنية VAR، معبرين عن استيائهم من أن الحكام لم يتخذوا الخطوات اللازمة لضمان العدالة في تلك اللحظة الحاسمة. تلك اللقطة أثارت جدلاً كبيراً حول فعالية استخدام تقنية الـVAR في البطولة، وتساءل الكثيرون عما إذا كان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سيتخذ إجراءات لتفادي مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
تأثير الخطأ التحكيمي على سمعة التحكيم الأوروبي
من الجدير بالذكر أن هذا الاعتراف من يويفا جاء بعد شهور من التحقيقات والنقاشات المستفيضة حول الحادثة، وكان له تأثير كبير على سمعة التحكيم الأوروبي. فقرار عدم الرجوع إلى تقنية الـVAR وعدم احتساب ركلة جزاء واضحة لجعل الكثيرين يتساءلون عن مدى دقة قرارات الحكام في المباريات الحساسة.
الاعتراف الرسمي من يويفا بهذا الخطأ يعكس تحسناً في الشفافية من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ولكن في الوقت نفسه، فإنه لا يخفف من الآثار التي خلفها هذا الخطأ التحكيمي على المنتخب الألماني وجماهيره. فالمباراة لم تكن مجرد مواجهة رياضية بين منتخبين كبيرين، بل كانت أيضاً حدثاً مهماً في سباق المنافسة على اللقب، وقرار تحكيمي خاطئ في تلك اللحظة كان له تأثير بالغ على نتائج البطولة.
ما هي الدروس التي يمكن استخلاصها؟
إلى جانب اعتراف يويفا بالخطأ، فإن هذه الحادثة تثير تساؤلات أعمق حول كيفية تحسين آليات التحكيم في كرة القدم. على الرغم من أن تقنية الـVAR تم تقديمها لتحسين دقة القرارات التحكيمية، إلا أن هذا الخطأ يبرز الحاجة إلى مزيد من التدريب والتنسيق بين الحكام وتكنولوجيا التحكيم لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
في النهاية، كانت إسبانيا هي من انتصرت في تلك المباراة، لكن الاعتراف المتأخر من يويفا يسلط الضوء على أهمية العدالة التحكيمية في كرة القدم، وكيف يمكن للقرارات الدقيقة أن تغير مسار المباريات والبطولات.