لم يعد الاحتراف الخارجي حلمًا بعيد المنال بالنسبة للاعبين السعوديين، فخلال السنوات الأخيرة، بدأت أسماء سعودية تشق طريقها في الملاعب الأوروبية، محققة نجاحات لافتة وكتابة فصول جديدة في تاريخ الكرة السعودية. ويأتي على رأس هؤلاء اللاعبين الظهير الأيمن الموهوب سعود عبدالحميد، الذي حقق إنجازًا غير مسبوق في الكرة السعودية، بعدما أصبح أول لاعب سعودي يحترف في الدوري الإيطالي، وأول من يسجل هدفًا في بطولة أوروبية كبرى. ومع ذلك، لم يكن طريقه مفروشًا بالورود، إذ مر بلحظات متباينة بين التألق والجلوس على مقاعد البدلاء.
سعود عبدالحميد أول سعودي في الدوري الإيطالي وبصمة أوروبية تاريخية
انطلق موسم 2024-2025 ليشهد حدثًا فريدًا في تاريخ كرة القدم السعودية، حيث انتقل سعود عبدالحميد، نجم الهلال السابق، إلى نادي روما الإيطالي خلال فترة الانتقالات الصيفية، ليصبح أول لاعب سعودي يخوض تجربة الاحتراف في الدوري الإيطالي، أحد أقوى الدوريات في العالم.
لكن سعود لم يكتفِ فقط بدخول الكالتشيو، بل دوّن اسمه في سجل التاريخ عندما أصبح أول سعودي يسجل هدفًا في بطولة أوروبية كبرى، بعد أن هز شباك سبورتنج براجا البرتغالي خلال الجولة السادسة من دور المجموعات في الدوري الأوروبي. كان هذا الهدف بمثابة تأكيد على إمكانياته العالية، وقدرته على التأقلم مع نسق الكرة الأوروبية.
ومع ذلك، لم يكن مشوار سعود في إيطاليا مثاليًا بالكامل، حيث بدأ بشكل قوي لكنه لاحقًا فقد مكانه في التشكيلة الأساسية، ليجد نفسه في عدة مباريات جالسًا على دكة البدلاء. ورغم هذه العقبة، لا يزال اللاعب أمامه فرصة لاستعادة مكانه وإثبات جدارته، خاصة مع وجود دعم جماهيري سعودي كبير يسانده في مسيرته الاحترافية.
فيصل الغامدي ومروان الصحفي مواهب سعودية في بلجيكا
بعيدًا عن إيطاليا، هناك أسماء سعودية أخرى تخوض تجربة الاحتراف في أوروبا، وعلى رأسهم فيصل الغامدي ومروان الصحفي، اللذان انتقلا في صيف 2024 إلى نادي بيرشكوت البلجيكي على سبيل الإعارة من نادي الاتحاد.
يلعب فيصل الغامدي في مركز وسط الميدان، وهو من أبرز المواهب السعودية الشابة، بينما يشغل مروان الصحفي مركز الجناح الأيمن، وكلاهما يسعى لترك بصمته في الكرة البلجيكية، التي تعد محطة مهمة لتطوير اللاعبين قبل الانتقال إلى الدوريات الأوروبية الكبرى.
ورغم أن التجربة لا تزال في بدايتها، فإن تواجد لاعبين سعوديين في أوروبا بهذا الشكل يعكس رؤية الكرة السعودية في تطوير المواهب المحلية ومنحها الفرصة للاحتكاك بأفضل اللاعبين على الساحة العالمية.
مهند آل سعد السعودي الذي كتب اسمه في تاريخ كأس فرنسا
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى اللاعبين السعوديين في إيطاليا وبلجيكا، ظهر اسم جديد في فرنسا، حيث دخل مهند آل سعد تاريخ كرة القدم السعودية من أوسع أبوابه عندما أصبح أول لاعب سعودي يشارك في كأس فرنسا.
انتقل مهند، الذي يلعب في مركز الظهير الأيمن، إلى نادي دانكيرك الفرنسي خلال الميركاتو الشتوي في يناير 2025، قادمًا من نادي نيوم على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر. وبمجرد انضمامه، نجح في كسب ثقة مدربه، ليحجز مكانًا في التشكيلة الأساسية خلال مواجهة فريقه أمام ليل ضمن دور الـ16 من المسابقة.
المباراة كانت صعبة، حيث واجه دانكيرك أحد أقوى الفرق الفرنسية، لكن مشاركة مهند في هذه المواجهة كانت لحظة تاريخية، كونها المرة الأولى التي يظهر فيها لاعب سعودي في البطولة. هذه الخطوة تفتح الباب أمام لاعبين سعوديين آخرين للحاق به، خاصة مع تزايد الاهتمام الأوروبي بالمواهب القادمة من السعودية.
السعوديون يواصلون كتابة التاريخ في أوروبا ماذا بعد؟
تمثل هذه الإنجازات مجرد بداية لمستقبل مشرق ينتظر الكرة السعودية على المستوى العالمي. فبعدما كان الاحتراف الخارجي مقتصرًا على تجارب قليلة وغير مستمرة، بات هناك توجه واضح نحو إرسال اللاعبين إلى الدوريات الأوروبية، سواء عبر صفقات انتقال دائمة أو إعارات تكتيكية تهدف إلى صقل المواهب واكتسابهم الخبرة اللازمة.
التطور الذي تشهده الكرة السعودية لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة خطط استراتيجية تهدف إلى جعل الدوري السعودي واحدًا من أقوى الدوريات في العالم بحلول عام 2030، ومنح اللاعبين المحليين الفرصة للاحتراف في أفضل الدوريات الأوروبية، مما يعزز من مستوى المنتخب السعودي ويجعله قادرًا على المنافسة في كبرى البطولات الدولية.
ومع دخول سعود عبدالحميد التاريخ في إيطاليا، وتألق فيصل الغامدي ومروان الصحفي في بلجيكا، وظهور مهند آل سعد بشكل قوي في فرنسا، يبدو أن الكرة السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، وقد نرى قريبًا المزيد من المواهب السعودية في دوريات مثل الدوري الإنجليزي، الإسباني، والألماني، مما يعكس تطور كرة القدم في المملكة.
ختامًا: حلم الاحتراف السعودي في أوروبا يتحقق تدريجيًا
ما يحدث اليوم لم يكن مجرد مصادفة، بل هو نتيجة تخطيط واستثمار في المواهب، وهو ما يجعل الجماهير السعودية تتطلع بشغف لرؤية المزيد من الأسماء السعودية تكتب التاريخ في أوروبا. ومع استمرار هذا التوجه، قد نشهد في المستقبل القريب لاعبًا سعوديًا في دوري أبطال أوروبا، أو حتى لاعبًا يتوج بإحدى البطولات الكبرى، وهو الحلم الذي لم يعد بعيدًا عن الواقع.