في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بين محبي الكرة المصرية، أعلن مجلس إدارة النادي الأهلي قراراً مفاجئاً برفض خوض مباراة القمة المرتقبة ضد الزمالك، المباراة التي كان من المقرر أن تُقام مساء الثلاثاء ضمن الجولة الأولى من مرحلة تحديد بطل الدوري المصري الممتاز. جاء هذا القرار بعد اجتماع طارئ عقده المجلس في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً، حيث تناول أعضاء الإدارة موضوع التخبط الذي تشهده المنظومة الكروية في البلاد وما يرافقه من مشكلات تنسيقية بين الاتحاد المصري لكرة القدم ورابطة الأندية المحترفة. وأكد البيان الصادر عن النادي أن هذا القرار لا يُمثل مجرد إجراء فوري، بل هو رسالة قوية تُعبّر عن استياء الإدارة من الأخطاء التحكيمية المتكررة التي أثرت سلباً على نتائج المباريات وعلى مسار البطولة بأكملها.
أسباب القرار
تناول الاجتماع عدة نقاط حساسة تتعلق بتفاقم الأزمات داخل كرة القدم المصرية، حيث أشار أعضاء مجلس الإدارة إلى أن الانقطاع الواضح في التنسيق بين الهيئتين المسؤولتين عن تنظيم المباريات قد أدى إلى اضطرابات ملحوظة، تسببت في أزمات مستمرة تُحرم الأندية من حقوقها وتُضعف من نزاهة المنافسات. وقد جاء هذا التصريح في ظل مطالبات متكررة من قبل إدارة الأهلي بإجراء إصلاحات جذرية في منظومة التحكيم، من خلال إرسال مكاتبات رسمية إلى اتحاد الكرة مطالبين بتطوير النظام التحكيمي، واستقدام لجنة حكام دولية ذات كفاءة عالية تحمل سجلاً حافلاً من الخبرات والنجاحات، لتعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي.
مطالب الأهلي
أوضح البيان أن قرار رفض خوض المباراة جاء بعد مناقشات طويلة تناولت أزمة إسناد المباراة إلى طاقم تحكيم محلي، رغم تقديم النادي مطالب واضحة بإحضار حكام أجانب لضمان نزاهة المنافسة وتحقيق العدالة بين الفرق المتنافسة. وأوضح أعضاء المجلس أن الأخطاء التحكيمية التي تجاوزت كل الحدود أثرت بشكل مباشر على نتائج المباريات، بل وصلت أحياناً إلى محاولة تحديد مسار البطولة بما يخدم مصالح جهة دون أخرى. كما أشار البيان إلى أن النادي الأهلي، خلال الفترة الماضية، قام بإرسال عدة مكاتبات رسمية إلى اتحاد الكرة مطالباً بتحديث وتطوير منظومة التحكيم، إلا أنه للأسف لم يتلقَ أي استجابة أو ردود فعل جادة من الجهات المعنية.
ردود الفعل
وأكد البيان أن إدارة الأهلي تعتبر أن استمرار تطبيق النظام التحكيمي الحالي يشكل علامة استفهام كبيرة، تؤثر في مسار البطولة وتدفع الأندية إلى مواجهة أزمات متكررة. واستند القرار إلى ضرورة الالتزام بقرار رابطة الأندية المحترفة، التي تنظم مسابقة الدوري، وبأهمية إقامة مباراة القمة بطاقم تحكيم أجنبي يضمن العدالة بين جميع الأندية المشاركة. وأضاف البيان أن النادي سيستمر في متابعة المستجدات عن كثب، وأنه في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، فإن الأهلي “يعلن عدم استكمال بطولة الدوري” مع اعتبار المجلس بأن هناك حالة انعقاد مستمر لمتابعة كل التطورات.
رد الاتحاد المصري لكرة القدم

ومن جانبه، أعربت جماهير الأهلي عن استيائها من القرارات التي تُضعف من حقوق المشجعين وتُثير حالة من الشك وعدم الثقة في نزاهة المباريات. ففي بيان منفصل صدر من قبل بعض جماهير النادي، تم التأكيد على أن هذه القرارات لا يمكن قبولها، وأن النادي يجب أن يتخذ خطوات جريئة لضمان حقوق الجماهير، التي تُعدّ العمود الفقري لأي نجاح رياضي. وأشاد بعض المحللين بأن قرار إدارة الأهلي برفض المباراة يُعتبر خطوة جريئة تعكس روح الفريق والتزامه بمبادئ العدالة والشفافية.
مستقبل الدوري المصري
وفي سياق متصل، جاء رد الاتحاد المصري لكرة القدم لاحقاً في بيان رسمي يرفض فيه طلب الأهلي ويعلن عن تكوين طاقم تحكيم محلي بقيادة الحكم محمود بسيوني لإدارة المباراة. هذا التصعيد أضاف بُعداً آخر للصراع بين النادي والجهات التنظيمية، حيث يرى الأهلي أن هذا القرار لا يعكس معايير العدالة التي تُرتكز عليها المنافسات الرياضية على مستوى العالم. وقد اعتبر أعضاء مجلس الإدارة أن مثل هذا التعيين يأتي على حساب مصلحة الأندية ويُهدد نزاهة المنافسة، خاصة في مباراة قمة من نوعها تجمع بين عملاقين تقليديين مثل الأهلي والزمالك.
خاتمة: أزمة عميقة تحتاج إلى حلول

تجدر الإشارة إلى أن قرار الأهلي برفض خوض مباراة القمة ليس قراراً عابرًا، بل هو تعبير عن حالة أزمة أعمق في كرة القدم المصرية، تتعلق بتراجع مستوى التنسيق الإداري والتحكيمي في البلاد. وقد أثارت هذه القضية الكثير من التساؤلات حول مستقبل المسابقات المحلية، وما إذا كانت الجهات المختصة قادرة على التعامل مع التحديات التي تواجهها كرة القدم المصرية في ظل الضغوط الاقتصادية والإدارية المتزايدة. ويُنظر إلى هذا القرار كأحد أبرز المحطات التي قد تفتح الباب أمام إصلاحات شاملة قد تعيد للنظام الرياضي مصداقيته وتضمن تحقيق العدالة لجميع الأطراف.
كما أن هذه الأزمة أثارت موجة من النقاشات في وسائل الإعلام الرياضية، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض للقرار. ففي حين يرى البعض أن قرار الأهلي يُعد بمثابة وقفة احتجاجية تستحق الثناء، يعتقد آخرون أنه قد يكون له تأثير سلبي على مستقبل الدوري المصري، خاصةً إذا ما استمر الانقسام بين الجهات التنظيمية والأندية الكبرى. وأكد بعض الخبراء أن مثل هذه النزاعات قد تؤدي إلى تشويه صورة الدوري المصري على المستوى الدولي، مما ينعكس سلباً على جاذبيته للمستثمرين واللاعبين الأجانب.
وفي هذا الإطار، دعا بعض المحللين إلى ضرورة فتح حوار جاد بين اتحاد الكرة ورابطة الأندية المحترفة والأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك، من أجل إيجاد حلول بنّاءة تعالج المشكلات المتجذرة في منظومة التحكيم وتنظم العلاقة بين جميع الأطراف. وأشاروا إلى أن الإصلاحات التنظيمية لا بد أن تشمل تحديث آليات اختيار الحكام وتوفير تدريب دوري لهم، بالإضافة إلى استقدام خبراء دوليين للمساهمة في رفع مستوى التحكيم وتطبيق معايير العدالة التي تُناسب الرياضة الحديثة.