شهدت مباراة الدور ثمن النهائي من مسابقة كأس مصر لكرة القدم على ستاد القاهرة الدولي، صراعًا مثيرًا ومليئًا بالتقلبات والأحداث الكروية الحماسية، حيث تمكن الزمالك من اقتحام أروقة ربع النهائي بعد فوزه بنتيجة 2-1 بفترة التمديد على ضيفه مودرن سبورت. جاء هذا الفوز بعد جهد جماعي وتصميم كبير من لاعبي الفريق الأبيض في مواجهة خصم جاء بنفوذ هجومي خاص، مما أضفى على اللقاء أجواء من الإثارة والترقب منذ الدقائق الأولى.
بداية المباراة والهدف الأول
انطلقت أحداث اللقاء سريعًا مع محاولة الزمالك فرض أسلوبه الهجومي، إذ لم ينتظر الفريق الأبيض طويلاً ليفتتح التسجيل في الدقيقة الخامسة من عمر اللقاء. جاءت الهدف الأول عبر اللاعب نبيل عماد المعروف بـ “دونغا”، الذي استغل فرصة رائعة بعد تنفيذ ركلة حرة مباشرة من الجهة اليمنى. إذ أرسل أحمد سيد “زيزو” عرضية داخل منطقة الجزاء، مما تسبب في ارتباك لدى دفاع مودرن سبورت؛ وتمكن دونغا من توجيه رأسية دقيقة لتسكن شباك الخصم. وقد أظهر هذا الهدف مدى التركيز والانضباط التكتيكي الذي يتمتع به الزمالك في المباريات الكبيرة، حيث يتسم أسلوبهم بالسرعة والدقة في استغلال الفرص.
محاولات الزمالك ودفاع مودرن سبورت
لم يخلُ الشوط الأول من التحديات، فقد حاول لاعبو الزمالك مضاعفة النتيجة من خلال جهود متتالية شارك فيها زيزو، دونغا، مصطفى شلبي، وسيف الدين الجزيري، لكن دفاع مودرن سبورت بقيادة الحارس محمد صبحي تصدى لهذه المحاولات ببراعة. وعلى الجانب الآخر، كان لمحاولات مودرن سبورت نصيبها أيضاً؛ إذ برز علي زعزع كلاعب مميز حاول في الدقيقة 13 خلق تهديد جدي عبر تسديدة قوية من داخل منطقة الجزاء، إلا أن الحارس صبحي كان على الموعد ليبعد الكرة إلى ركنية، مانعًا بذلك أي تقدم مبكر للفريق الزائر.
التعادل والتمديد
مع بداية الشوط الثاني، ظهر التأثير المباشر لجهود الفريق المنافس، إذ نجح مودرن سبورت في إدراك التعادل بطريقة منظمة وسلسة. بعد استحواذ الفريق على ركلة ركنية، أرسل علي زعزع تمريرة داخل منطقة الجزاء، واستغل معتز زدام الفرصة بتسديدة رأسية متقنة واصطدمت بزاوية مرمى الزمالك في الدقيقة 51. هذا الهدف لم يكن مجرد نتيجة لحظة فراغ دفاعي، بل جاء نتيجة لتخطيط دقيق من خطط الخصم وتنسيق بين لاعبيه في استغلال الركنيات كوسيلة لتعديل النتيجة.
هدف الفوز
عندما انتهى الوقت الأصلي بنتيجة التعادل 1-1، دخل الفريقان في مرحلة التمديد التي احتوت على الكثير من الحماس والإثارة. وفي هذه اللحظات الحاسمة، لم يتوانَ الزمالك عن مواصلة الضغط الهجومي، إذ ظهر البطل المخضرم محمود عبد الرازق، المعروف باسم “شيكابالا”، ليكون بطل اللقاء في الدقيقة الأولى من الشوط الثاني الإضافي. جاء هدف الفوز نتيجة لعب فردي ذكي؛ إذ استطاع زيزو من الجبهة اليسرى أن يمرر الكرة بطريقة تبدو بسيطة بعد خطأ دفاعي من لاعبي مودرن سبورت، فكان لدى شيكابالا الفرصة لتسجيل الهدف الحاسم بسهولة داخل الشباك. ويُذكر أن هذا الهدف جاء بعد غياب طويل عن شباك الزمالك، حيث مر 202 يومًا دون أن يشهد تسجيله أي هدف، مما أكسبه قيمة معنوية كبيرة وساهم في إعادة بث روح الحماس في صفوف الفريق.
تحليل المباراة

يتحدث المحللون عن هذا الفوز باعتباره انعكاسًا للروح القتالية والتكتيكية العالية التي يتميز بها الزمالك، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي يشهدها الساحة الكروية المصرية. إن الوصول إلى ربع النهائي بهذه النتيجة يعكس أيضًا التخطيط المدروس للجهاز الفني الذي استطاع قراءة المباراة بشكل صحيح وتحديد اللحظة المناسبة لإدخال التعديلات التي أحدثت الفارق في النتيجة. كما أن الاختلاف في أسلوب اللعب بين الفريقين أبرز الفروق التكتيكية التي يتبناها كل منهما؛ فالزمالك يعتمد على التحركات السريعة وتنظيم الهجوم عبر الركنيات والكرات الثابتة، بينما يحاول مودرن سبورت فرض هيبته الدفاعية والتركيز على الكرات المرتدة.
المنافسة في كأس مصر
وتأتي هذه المباراة في سياق منافسة شديدة ضمن مسابقة كأس مصر، التي تعد من أهم البطولات المحلية التي تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة. فقد استطاع الزمالك أن يؤكد على جدارته ومكانته بين الأندية الكبيرة من خلال هذه النتيجة، حيث سيواجه في الدور ربع النهائي فريق سموحة. ويُعتبر لقاء الزمالك وسموحة بمثابة تحدٍ آخر ينتظر الفريق في رحلته نحو تتويج الكأس، خاصة مع غياب الخصم التقليدي الذي كان يشكل خصومة قوية في المواسم السابقة، وذلك بعد انسحابه الموسم الماضي وإيقافه عن المشاركة هذا العام.
نتائج أخرى في كأس مصر
ولا تقتصر أخبار كأس مصر على مباراة الزمالك فقط، إذ شهدت مباريات الدور ذاته انتصارات مثيرة في أوجه. ففي مباراة أخرى على ستاد السويس الجديد، تمكن البنك الأهلي من التغلب على ضيفه المصري بنتيجة 3-1. وفي هذا اللقاء سجل أسامة فيصل (23) والتوغولي ياو أنور (27) ومحمد عبد اللطيف “غريندو” هدفاً إضافيًا في الدقائق المحتسبة بدل الضائع (90+5)، فيما سجل النيجيري جون إيبوكا هدف الضيف في الدقيقة 90+2. هذا الفوز أضاف إلى رصيد البنك الأهلي فرصة لملاقاة الفائز من مباراة غزل المحلة وفاركو، والتي ستقام قريبًا في المحلة، ما يؤكد أن المنافسة في كأس مصر تشتد مع مرور الأدوار.
مباريات قادمة
كما تشهد منافسات البطولة مباريات أخرى مثيرة، حيث سيلتقي حامل اللقب بيراميدز مع فريق المقاولون العرب، في لقاء سيقام على ملعب الدفاع الجوي، لتختتم مباريات دور ثمن النهائي. ومن المتوقع أن يشهد الدور ربع النهائي لقاءً مثيرًا بين الفائز من هذا اللقاء وإنبي، في خطوة ستضع الكثير من التوقعات على اللاعبين والتكتيكات المستخدمة. إلى جانب ذلك، تجمع مباريات آخر الدور ربع النهائي بين سيراميكا كليوباترا والجونة، ما يضيف للموسم حماسًا وتوقعات كبيرة حول من سيحظى بفرصة المنافسة على اللقب في المرحلة القادمة.
تأثير الفوز على الزمالك
يمثل فوز الزمالك على مودرن سبورت لحظة فارقة في مسيرة الفريق في البطولة، حيث استطاع أن يظهر إمكانياته في تجاوز اللحظات الحرجة بفضل تنظيمه الدفاعي والهجومي المتوازن. ومن ناحية أخرى، فإن لاعبي الفريق أظهروا روح القتال والتحدي، خاصةً في مواجهة الخصم الذي كان يسعى جاهداً للمنافسة على كل كرة في الملعب. وقد أعطى الهدف الحاسم الذي سجله شيكابالا دفعة معنوية قوية للاعبين، مما جعل الجماهير تفيض فرحًا وسعادة بتلك اللحظة التي اختتمت ساعات من التوتر والترقب.
التكتيكات والخطط
على صعيد التكتيكات، يتضح أن الجهاز الفني للزمالك أعد خطة محكمة تمثل مزيجاً من التجديد والاستفادة من خبرات اللاعبين المخضرمين. فعلى الرغم من أن الفريق استغل الفرص الحاسمة في الشوط الأول، إلا أن تمريرات الدفاع والهجمات المرتدة لم تكن كافية لتحقيق الفوز بدون تدخل اللاعبين الاحترافيين في اللحظات الأخيرة من المباراة. وقد ساهم هذا التوازن في إدارة الوقت والنشاط البدني للاعبين في دفعهم إلى تقديم أداء متميز خلال التمديد، خاصةً في ظل تعب جسدي محتمل بعد مباراة امتدت لوقت أطول من المعتاد.
دور الجماهير

لا يمكن إغفال تأثير الجماهير التي ملأت المدرجات بأصوات التشجيع والصفارات التي دفعت اللاعبين لتحقيق الأفضل. كان لجو الملعب الحماسي دور واضح في رفع معنويات الفريق، حيث توافرت أجواء من الحماس والانتصار تعكس حجم الدعم الذي يحظى به الزمالك من مشجعيه، سواء في المدرجات أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تلك الأصوات التي عبرت عن الأمل والثقة كانت دافعًا إضافيًا للاعبين لتجاوز الصعاب وتقديم أداء يستحق الإعجاب.
التحديات القادمة
من ناحية أخرى، يستمر الحديث في الوسط الرياضي عن تأثير هذه النتيجة على جدول مباريات الفريق في الفترة المقبلة. ففي ظل المسابقة التي تتسم بجدول مباريات مزدحم وتنافس شرس بين الأندية الكبرى، يصبح من الضروري أن يحافظ الزمالك على مستواه الفني والبدني. إذ يشير محللون كثيرون إلى أن التأهل إلى ربع النهائي يمنح الفريق فرصة لتجديد الاستراتيجيات والتخطيط للمواجهات القادمة، خاصةً مع ضرورة المحافظة على الانتظام في التمريرات والتحركات الهجومية المنظمة.
خاتمة
إن استمرار المنافسة في كأس مصر يحمل في طياته الكثير من الدروس والإثارة، حيث يجتمع شغف الجماهير مع حنكة المدربين وقدرات اللاعبين على تحقيق الانتصارات في الظروف الصعبة. ومع كل مباراة تمر، يثبت الزمالك أنه قادر على استغلال كل فرصة لتقديم أفضل ما لديه، مما يؤكد مرة أخرى مكانته كأحد أعمدة الكرة المصرية والعربية. هذه الرحلة في البطولة ليست مجرد مباريات، بل هي مشوار طويل من التحديات واللحظات التي تصنع الفارق في تاريخ النادي وتبث الأمل في نفوس المشجعين بالمزيد من الإنجازات في المستقبل.