ذكريات ليلة حزينة: كيف انتهت آمال الفيصلي في البقاء؟
في واحدة من أكثر الليالي درامية في تاريخ الدوري السعودي للمحترفين، شهد موسم 2021-2022 نهاية مؤلمة لفريق الفيصلي، الذي ودّع دوري المحترفين متجهًا إلى دوري الدرجة الأولى “يلو”، بعد خسارة قاسية أمام الهلال بنتيجة 2-1. المباراة، التي أقيمت ضمن الجولة الأخيرة من المسابقة، لم تكن مجرد مواجهة عادية، بل كانت تحمل أهمية قصوى للطرفين؛ الهلال كان يسعى للتتويج باللقب، بينما كان الفيصلي يبحث عن نقطة واحدة تبقيه بين الكبار.
سيناريو المباراة: قتال حتى الدقيقة الأخيرة
دخل الفيصلي المباراة وهو في موقف حرج، حيث كان بحاجة لنقطة وحيدة للبقاء، في حين كان الهلال يبحث عن الفوز لحسم لقب الدوري. وبعد بداية متوازنة، استطاع الهلال التقدم بفضل ثنائية أوديون إيجالو، التي كانت كافية لإخماد آمال الفيصلي.
ومع ذلك، لم يستسلم عنابي سدير؛ حيث ضغط بكل قوة في الدقائق الأخيرة، مُجبرًا الهلال على التراجع للدفاع. ومع دخول المباراة إلى الوقت بدل الضائع، حصل الفيصلي على فرصتين خطيرتين، كانت إحداهما مثار جدل كبير، عندما طالب اللاعبون بركلة جزاء بعد لمسة يد على محمد جحفلي.
الجدل التحكيمي: “ما لحقت عينه ترمش”
تحدث فهد المدلج، رئيس نادي الفيصلي السابق، عن هذه اللحظة المحورية في مقابلة مع بودكاست “ممر”. قال المدلج: “في آخر نصف ساعة، كان الفيصلي يهاجم والهلال يدافع. أضعنا فرصًا عديدة، وفي لقطة محمد الجحفلي، توجه الحكم إلى تقنية الفار، ولكنه لم يستغرق سوى ثوانٍ قليلة جدًا للنظر في اللقطة، عددت وراءه 1..2..3، وما لحقت عينه ترمش. أغلب المحللين اتفقوا أننا كنا نستحق ركلة جزاء، ولكن قدر الله وما شاء فعل.”
تلك اللحظة ظلت عالقة في أذهان جماهير الفيصلي، حيث رأى الكثيرون أن القرار التحكيمي ربما كان القشة التي قصمت ظهر الفريق، وأنه كان بإمكان الفار أن يمنح العنابي فرصة العودة إلى المباراة.
الهبوط بعد إنجاز تاريخي: من القمة إلى القاع
ما زاد من مرارة هبوط الفيصلي في ذلك الموسم هو أنه جاء بعد إنجاز تاريخي في الموسم السابق، حين تُوّج الفريق بلقب كأس خادم الحرمين الشريفين للمرة الأولى في تاريخه. لكن موسم 2021-2022 شهد تراجعًا واضحًا في الأداء، حيث عانى الفريق من غياب الاستقرار الفني وضعف النتائج، لينتهي به الأمر في المركز الرابع عشر برصيد 33 نقطة.
وتسبب فارق المواجهات المباشرة مع نادي الباطن في تأكيد هبوط الفيصلي، لينضم إلى الأهلي والحزم في مغادرة دوري المحترفين. وحتى اليوم، لم يتمكن الفريق من العودة مجددًا لدوري الكبار، رغم محاولاته المتكررة.
الهلال يضيف لقبًا جديدًا إلى خزائنه
بالنسبة للهلال، لم تكن تلك المباراة مجرد انتصار آخر، بل كانت بمثابة لحظة مجد. بفضل فوزه على الفيصلي، رفع الزعيم رصيده إلى 67 نقطة، متقدمًا بفارق نقطتين عن منافسه المباشر الاتحاد، ليُتوج بلقب دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين.
الهلال، الذي اعتاد على حسم المباريات الكبرى، أظهر مرة أخرى قدرته على التعامل مع الضغط في المواقف الحاسمة، حيث كان فوزه أمام الفيصلي عنوانًا جديدًا لتفوقه المحلي.
لحظات لا تُنسى: الطرد والمشاعر المتباينة
المباراة لم تخلُ من توتر اللحظات الأخيرة، حيث شهدت طرد اللاعب حسين سالم من الفيصلي في الدقيقة 90+10، ما زاد من صعوبة موقف الفريق في محاولاته لتحقيق التعادل. وبينما كانت جماهير الهلال تحتفل بالتتويج، كان الحزن يخيم على لاعبي وجماهير الفيصلي الذين كانوا يدركون أن هذه المباراة قد تكون بداية صفحة مختلفة تمامًا في تاريخ النادي.
ما بين التتويج والهبوط: لحظات فارقة في تاريخ الناديين
تظل هذه المباراة علامة فارقة في تاريخ الدوري السعودي؛ فهي ليلة شهدت نهاية آمال فريق قاتل للبقاء، وتتويج فريق آخر يعشق منصات الذهب. وبينما يتطلع الهلال إلى مواصلة هيمنته محليًا وقاريًا، يبقى على الفيصلي إعادة ترتيب أوراقه والبحث عن طريق العودة إلى دوري المحترفين.
في الختام: درس لكرة القدم
مثل هذه اللحظات تذكرنا دائمًا أن كرة القدم مليئة بالمفاجآت، وأن قرارات صغيرة قد تغير مصير فرق كاملة. ليلة سقوط الفيصلي وصعود الهلال ستظل محفورة في ذاكرة الجماهير، كدرس عن التحدي، الفرص الضائعة، وقوة الحسم في الوقت المناسب.