
في تصريحاته الأخيرة التي صدرت عقب خسارة الأهلي بنتيجة 2-3 أمام النصر في واحدة من أهم مباريات الكلاسيكو السعودي، أعرب المدير الفني للفريق الأول بالنادي الأهلي، ماتياس يايسله، عن شعوره بالإحباط العميق واستنكاره لبعض التصرفات الفنية والقرارات التحكيمية التي أثرت على مجريات اللقاء. تلك المواجهة التي شهدت تنافساً شديداً وتركت بصمة واضحة على جدول ترتيب الدوري، حيث ارتقى النصر إلى 44 نقطة بينما حُبس الأهلي عند 38 نقطة، كانت محور الحديث والنقاش بين جماهير الفريق والمهتمين بكرة القدم على حد سواء.
منذ الدقائق الأولى للمباراة، بدا أن الأهلي يعاني من صعوبة في اختراق دفاع النصر الذي أحكم تنظيمه ودفاعه رغم تقليص عدد لاعبيه بعد طرد مدافع الفريق محمد سيماكان في الدقيقة 47. وقد أوضح يايسله أنه بالرغم من الاعتماد على خطة تعتمد على الكرات الطولية من روجر إيبانيز إلى الجناح رياض محرز في محاولة خلق مواقف فردية، إلا أن هذه الإستراتيجية لم تثمر عن النتائج المرجوة. وأضاف: “لم نتمكن من إيجاد الحلول التكتيكية الملائمة منذ الشوط الأول، وذلك بسبب الإغلاق الدفاعي الصارم الذي فرضه النصر في المساحات”.
يعتبر يايسله أن هذه الخسارة لم تكن مجرد نتيجة مباراة، بل كانت انعكاساً لمشكلات تكتيكية وسلوكية واجهت اللاعبين في اللقاء. فقد وجه انتقادات لاذعة لمدافعي الأهلي، معتبراً أنهم لم يكونوا على قدر المسؤولية في التصدي لمحاولات النصر، خاصة فيما يتعلق بالهدف الأول الذي جاء نتيجة تسديدة من جون دوران وسط ثلاثة من مدافعي الأهلي. وأضاف: “كان من الممكن منع دخول الهدف لو كان هناك تواصل وتنسيق أفضل بين الدفاع والوسط”، في إشارة إلى إهمال بعض اللحظات الحاسمة التي كان بالإمكان تحويل مجرى المباراة لصالح الفريق.
ولم يقتصر النقد على الجوانب الدفاعية فحسب، بل شمل أيضاً مهاجمي الفريق الذين أضاعوا فرصاً ثمينة في الشوط الثاني. فقد أشار يايسله إلى أن الفرص التي أتيحت لهجوم الفريق لم تُستغل بالشكل الأمثل، مما أثر سلباً على النتيجة النهائية للمباراة. وفي هذا السياق، أكد المدير الفني الألماني أن الأداء الهجومي لم يكن كما هو متوقع، مشيراً إلى أن اللاعبين لم يتمكنوا من تحويل الضغط إلى أهداف في الوقت المناسب، مما زاد من وطأة الخسارة التي تكبدها الأهلي في مباراة حاسمة على مستوى الدوري.

من بين النقاط التي أثارت الجدل أيضاً ما قاله يايسله عن التحكيم، حيث لم يخفِ استياءه من بعض القرارات التي اتخذها الحكم المكسيكي سيزار راموس وطاقمه المساعد خلال الشوط الأول من المباراة. وفي تصريحاته التي حملت طابعاً شخصياً وحاداً، قال: “مع كامل الاحترام للتحكيم، هناك العديد من القرارات التي تظل غير مفهومة، مما جعلني أشك في مدى دقتها وتأثيرها المباشر على مجريات اللقاء”. هذه التصريحات التي أثارت الكثير من الجدل بين محبي الفريق والمهتمين بالشأن الكروي، حيث اعتبر البعض أن مثل هذه الانتقادات قد تزيد من الضغط على اللاعبين والإدارة في ظل موسم تنافسي يتطلب تماسكاً وانضباطاً عالياً.
من الواضح أن هذه النتائج المقلقة تأتي في وقت حساس بالنسبة للنادي الأهلي، الذي يسعى لاستعادة مكانته في جدول ترتيب الدوري السعودي للمحترفين وتحقيق الانتصارات التي تضمن له المنافسة على اللقب. إذ سيواجه الفريق أولاً الغرافة القطري في مواجهة مهمة ضمن منافسات الجولة الثامنة من دوري النخبة الآسيوية، مباراة تعد بمثابة اختبار حقيقي لقدرات الفريق بعد سلسلة من النتائج السلبية. كما أن اللقاء المقبل ضد نادي ضمك في الجولة 21 من الدوري سيكون بمثابة تحدٍ إضافي، حيث يتوجب على الأهلي استعادة توازنه الفني والنفسي لضمان تحقيق نتائج إيجابية.
يبدو أن يايسله يعي تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتق اللاعبين، ولكنه يرى أيضاً ضرورة مراجعة الخطط التكتيكية وإعادة التفكير في الاستراتيجية المتبعة داخل الملعب. ففي حديثه عن محاولة الفريق استخدام الكرات الطولية لاستهداف النجم الجزائري رياض محرز في مواقف واحد ضد واحد، يبدو أنه كان يأمل في استغلال فردية المحرز للتغلب على نظام النصر الدفاعي. إلا أن الواقع كان مختلفاً، إذ فشل هذا الأسلوب في خلق الفرص الحقيقية وتحقيق التوازن المطلوب بين الدفاع والهجوم. وقد ترك هذا الوضع الجماهير والمراقبين يتساءلون عما إذا كانت هناك حاجة لإجراء تغييرات جذرية في طريقة اللعب أو حتى في تشكيلة الفريق لضمان المنافسة على أعلى المستويات.

من جهة أخرى، تشير تصريحات يايسله إلى حالة من الاستياء العام بين طاقم الفريق، مما قد يؤثر على الروح المعنوية للاعبين في المباريات المقبلة. ففي ظل الخسارة التي تحمل في طياتها فقدان ثلاث نقاط ثمينة، يتوجب على النادي التفكير بجدية في كيفية إعادة بناء الثقة بين اللاعبين والجهاز الفني، وذلك لتفادي تكرار الأخطاء في المستقبل. فقد اعتبر يايسله أن الفشل في معالجة بعض الثغرات التكتيكية والبدنية خلال المباراة قد أثر بشكل مباشر على النتيجة، وهو ما يستدعي من الجميع التكاتف والعمل بروح الفريق الواحد لتجاوز هذه الأزمة.
على صعيد آخر، أثارت تصريحات يايسله اهتمام وسائل الإعلام والمحللين الكرويين الذين أبدوا آراءهم حول تأثير القرارات التحكيمية على مجريات اللقاءات، لا سيما في المباريات الحاسمة التي تفرق الفرق عن المنافسة على المراكز الأولى. فالجدل الذي أثاره المدير الفني حول القرارات التي اتخذها الحكم راموس قد يفتح باب النقاش حول ضرورة تحسين مستوى التحكيم وتطبيق معايير أكثر دقة وحيادية في المباريات. وقد يكون لهذا النقاش تأثيراً بعيد المدى على كيفية إدارة المباريات في المستقبل، خاصةً في ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الفرق الكبرى مثل الأهلي والنصر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مباراة الكلاسيكو هذه لم تكن مجرد مواجهة بين فريقين، بل كانت بمثابة اختبار لقدرة الأهلي على التعامل مع الضغوط والتحديات التكتيكية التي قد تواجهه في الموسم. فالنتيجة التي حققها النصر جاءت نتيجة لتكتيك محكم وتنظيم دفاعي استغل لحظات ضعف الفريق المنافس، مما يدفع المسؤولين والجهاز الفني للنادي الأهلي إلى إعادة تقييم أدائهم وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين عاجلاً. وفي هذا السياق، يبدو أن يايسله يحرص على تسليط الضوء على الأخطاء والتقصير الذي حدث، وذلك في محاولة لتحفيز اللاعبين على العمل بجدية أكبر في التدريبات والمباريات القادمة.
علاوة على ذلك، فإن النتائج السلبية الأخيرة قد تكون مؤشراً على أن الفريق بحاجة إلى بعض التعديلات في التشكيلة أو حتى في الخطط التكتيكية المتبعة، مما قد يستدعي إعادة النظر في الخيارات المتاحة لدى الجهاز الفني. فمن المؤكد أن المواجهات القادمة، سواء كانت ضمن دوري النخبة الآسيوية أو الدوري السعودي، ستضع الفريق في اختبار حقيقي لمدى قدرته على الاستجابة للتحديات والتغلب على العثرات التي ظهرت مؤخراً. وفي ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معلقاً على أن يستعيد الأهلي زخم أداءه وأن يحقق الانتصارات التي تعيد له مكانته المرموقة في أوساط الجماهير والمنافسين على حد سواء.
في نهاية المطاف، تعكس تصريحات يايسله حالة من القلق والتساؤل حول مدى استعداد الفريق لمواجهة المنافسات القادمة، وهو ما يستدعي جهداً مضاعفاً من اللاعبين والإدارة على حد سواء. فالتحديات الكبيرة التي تواجه الأهلي في الفترة المقبلة تتطلب أكثر من مجرد تحسين الأداء الفني؛ بل تتطلب أيضاً بناء ثقافة إيجابية وروح قتالية داخل الفريق، تساهم في تجاوز العقبات واستعادة الثقة التي يمكن أن تقود الفريق إلى تحقيق الانتصارات المنتظرة. وبينما تتوالى المباريات وتتجمع التوقعات حول مستقبل الفريق، يبقى السؤال الأبرز: هل سيتمكن الأهلي من تجاوز هذه الأزمة والعودة إلى مستواه المعتاد في ظل المنافسة الشديدة على جميع الأصعدة؟
مع استمرار الضغط والإعلام الذي يسلط الضوء على كل تفصيل من تفاصيل المباراة، يتطلع محبو الأهلي إلى رؤية فريقهم في أوج جاهزيته واستعداده لمواجهة التحديات القادمة. ومع كل خطوة تتخذها الإدارة والجهاز الفني، تبقى التطلعات معلقة على قدرة الفريق على إعادة بناء ذاته وتحقيق النتائج التي تنسجم مع تطلعات الجماهير والطموحات الكبيرة التي يحملها النادي على الصعيدين المحلي والدولي.